الآية الأولى:{وَمِنْ ثَمَراتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (67)}.{وَمِنْ ثَمَراتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً}: هو ما يسكر من الخمر.{وَرِزْقاً حَسَناً}: هو جميع ما يؤكل من هاتين الشجرتين كالتمر والزبيب والخل، وكان نزول هذه الآية قبل تحريم الخمر.وقيل: إن السّكر: الخل بلغة الحبشة.والرزق الحسن: الطعام من الشجرتين.وقيل: السّكر العصير الحلو الحلال. وسمي سكرا لأنه قد يصير مسكرا إذا بقي، فإذا بلغ الإسكار حرم. والقول الأول أولى، وعليه الجمهور.وقد صرّح أهل اللغة بأن السّكر اسم للخمر ولم يخالف في ذلك إلا أبو عبيدة فإنه قال: السّكر الطعم. ومما يدل على ما قاله الجمهور قول الشاعر:بئس الصّحاة وبئس الشّرب شربهم *** إذا جرى فيهم المزّاء والسّكرومما يدل على ما قاله أبو عبيدة ما أنشده:جعلت عيب الأكرمين سكرا ***أي جعلت ذمهم طعما.ورجح هذا ابن جرير فقال: إن السّكر ما يطعم من الطعام، ويحب شربه من ثمار النخيل والأعناب، وهو الرزق الحسن، واللفظ مختلف والمعنى واحد، مثل: {إنما أَشْكُوا بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ} [يوسف: 86].قال الزجاج: قول أبي عبيدة هذا لا يعرف، وأهل التفسير على خلافه، ولا حجة له في البيت الذي أنشده، لأن معناه عند غيره أنه يصف أنها تتخمر بعيوب الناس.وقد حمل السّكر جماعة من الحنفية على ما يسكر من الأنبذة وعلى ما ذهب ثلثاه بالطبخ. قالوا: وإنما يمتن اللّه على عباده بما أحله لهم لا بما حرمه عليهم، وهذا مردود بالأحاديث الصحيحة المتواترة على فرض تأخره عن آية تحريم الخمر.